السبت، 10 أبريل 2010

حماري والعرب


ليس صحيحا أن الحمير هم أغبى الحيوانات، فقد "عرف الحمير التخطيط مبكّرا، ولكنهم تركوا التنفيذ للبشر". وحمار ياسين واحد من صنف الحمير المُفكّرة والناطقة بلسان البشر، صنف يصعب مُلاقاته في دنيا الناس، ويذكر التاريخ أنه ظهر مرّات قلائل في دول متفرقة وعبر أزمنة متباعدة.. وما تقرؤونه في هذه الزاوية هو على ذمّة حمار عربيّ الانتماء والهموم والأحلام، وليس مهمّا أن تصدّقوه، المهمّ ألاّ تكذبوه..
قلتُ: حقّا، ليس هناك أغبى من الحمير تضع نظارة سوداء في هذا الليل البهيم، ألا يكفي الدنيا اسودادا حتى تراها من خلال السواد؟
قال: أيها الفطن.. حتى لا تلمحني عيون الليل التي لا تنام وأنا أتسلّل إلى "مُعتزلك" فيتّهمونك بالجنون لاعتزالك الناس ومسامرة حمار، أو لعلّهم يلفّقون لك تهمة جاهزة من التّهم المركونة في أدراج المكاتب.
قلتُ: لا عليك يا أبو فهيم (أنا عربيّ إذن أنا متّهم)، أو أنا على الأقل مشروع متّهم بالتخلف والإرهاب والتّعصب ومعاداة الإنسانية وباقي مشتقات "الشّر" المُسوّقة إعلاميا أو تلك المخبوءة في مختبرات "إعادة تمييع العربي".
قال: جميل أنك مُدرك لهذا الأمر وتعترف به، ولكنك ستبقى مُتّهما يا عزيزي حتى يتأكد العرب من هوّيتهم ويتثبّتوا من تاريخهم إن كانوا عربا حقيقة أم أنهم مجرّد مخلوقات آدمية لم تُصنّف بعد على سلّم التصنيف البشري؟
قلتُ: ويحك يا حمار أتطعن حتى في "بشرية" الإنسان العربي، وتجعل للبشر الذين أكرمهم الله سلّم وتصنيفات؟
قال: رويدك، رويدك.. فهذا دأبكم يا عرب، تنفعلون حتى يخشى الحمير أن الأرض مرفوعة على قرن ثور، ثم تنفجرون كفقّاعة صابون. أنا لم آت بشيء من عندياتي، فقد قرأت في الأسفار التي كان يحملها جديّ الأوّل على ظهره أن العرب الأوائل امتازوا بطباع العزة والكرامة والنجدة والإباء.. حتى أن صرخة "وا معتصماه" لمّا يزل صداها يدوّي في أذنيّ. أما عرب اليوم فلا أجد فيهم تلك الطّباع، ويُقال أنه "تزول الجبال ولا تزول الطباع"، فإما أن من انتسبتم إليهم لم يكونوا عربا، وإما أنكم لستم عربا وتزعمون زورا وبهتانا انتسابكم لعرب العزة والكرامة؟
قلتُ: حتى الحمير صارت تعيّرنا.. الأيام دول يا حماري ودهرٌ لنا ودهرٌ علينا، ثم أننا لسنا في عجلة من أمرنا فنحن "خير أمة أُخرجت للناس" وسوف ينصرنا الله طال الزمن أم قصُر.
قال: هذا تمام الانهزامية والخذلان، "إن الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم".. ألا تخجل من حاضرك وأنت تستذكر تاريخك؟ ثم كيف تأمل في دهر يكون لكم وأنتم "تُبّع" لا تُعدّون ولا تستعدون للمستقبل، بل أنكم تعبثون بثرواتكم ومواردكم وتستنزفون قدراتكم وترهنون مستقبل أجيالكم بحماقاتكم.. والأمم من حولكم نصبت راياتها على القمر وتطمع في استعمار المريخ وأنتم لم تستطيعوا حتى ضمان أمنكم الغذائي والمائي والترابي أيضا..
قلتُ: إلزم حدودك ولا تنسى أنك مجرد حمار يتخفّى عن أنظار البشر حتى لا تطاله أيديهم.. أنت لا تتابع نشرات الأخبار ولا ترصد الملتقيات والمؤتمرات والقمم العربية، فأنت جاهل بالمشاريع العربية الكبرى وبرامج الوحدة الاقتصادية والأمنية وتوحيد المنظومات التعليمية والصحية و، و.. العرب قادمون يا حمار، قد يصلون ولا تكون أنت موجودا، ولكنهم حتما سيصلون.
قال: كفى هراء، فلعلهم عندما يصلون لن يكونوا عربا، بل غربا في لبوس عرب. هيّا كن شجاعا واعترف أن العربيّ يحيا بلا معنى ويموت بلا ثمن، فالشباب يهاجرون على زوارق الموت هروبا من أوطانهم، أو يرتمون في الحشيش والمخدرات فرارا من وقائعهم أو يطاردون أحدث تقليعة شعر وآخر ألبوم وأشهر نجم.. والموت المجاني ينتشر على الجغرافية العربية، اغتيالات وتقتيل وتفجيرات واحتلال. وصوت إخوتك في فلسطين وصل إلى حدود مجرّة التابانا والعرب منذ "انتفاضاتهم الانفعالية" زمن الحرب على غزة، ركنوا إلى معارك الرغيف وكأن ما يحدث الآن من تهجير وتقتيل وتجويع وحصار أمر مقبول مادام ليس فيه طائرات وخراب تنقله الفضائيات.. يا عزيزي العرب بحاجة إلى جمعيات تدافع عنهم مثل جمعية الدفاع والرفق بالحيوان.
قلتُ: أيها الجاحد "تأكل غلّتنا وتسبّ ملّتنا"، لعلك جاسوس جئت لتندسّ بيننا وتنقل تفاصيل حياتنا وتنفث فينا سموم الأعداء في جسدنا العربي؟
قال: هذا ما تُفلحون فيه بامتياز، تحجُرون على حرية التفكير وتصادرون حرية التعبير ومن يصارحكم بما فيكم تتهمونه بالعمالة وأنتم أعداء أنفسكم.
قلت: للجدران آذان أطول من أذنيك، فصه عن الكلام ودعني أقضي ليلتي بسلام.
قال: أطعمني ليصمت لساني فإذا "شبعت البطن تقول للرأس غنّ".
قلت:إليك بما يخرس لسانك فكل ثم غني واتركني أنعم بليلة هانئة.


0 التعليقات:

إرسال تعليق